حب ما قبل الزواج
حب ما قبل الزواج
حب الزواج أقل خيالية وأكثر عمقاً في واقع الحياة ، هذه العبارة ذكرها الأستاذ مأمون مبيض في أحد كتبه ، تأملتها كثيراً وأسقطتها على واقع كثير من الاستشارات الزوجية التي وردتني في الشهور الماضية ، فوجدتها تتجسد في كثير من علاقات الزواج التي فشلت بسبب ما يسمى بـ الزواج عن حب ..
تعتقد الفتاة بأنها إذا تعرفت على الشاب قبل الخطوبة الرسمية ستكون قد وضعت الأساس المتين الذي سيتحمل كل أمواج ومشاكل الزواج العاتية مستقبلاً لأنها ارتبطت برجل عن قناعة بأنه هو الأنسب لها ، هذه القناعة لم تُبنى بطرق صحيحة بل بُنيت على عبث ، فمجرد شعورها بأنها انجذبت إلى هذا الشاب انجذاباً قلبياً لأي سبب من الأسباب ، تكون قد وضعت الأساس الذي في نظرها سيكون متيناً لتحمل كل شيء.
تعيش الفتاة في هذه الفترة مغرقة بالعواطف التي تسبب لها شللاً في التفكير المنطقي ، ويستغل الشاب هذه النقطة بإحكام قبضته عليها ، في الأغلب تكون الفتاة ضحية حب ما قبل الزواج ، لماذا ؟ لأن مشاعرها العاطفية تحجب عنها رؤية المواقف بشكل سليم ، وكما تعلم أيها القارئ الكريم بأن ذاكرة الإنسان انتقائية ، فهو يتذكر ويرى الأمور التي يريد أن يراها هو بالشكل الذي رسمها في عقله ، فتجده أحياناً يعلم بأن هذا الأمر شر له ومع ذلك يقع فيه لأنه متعلق به ، ولهذا أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة أن نقول ( واصرفه عني واصرفني عنه ) حتى لا يتعلق الانسان بشيء قد يضره في دينه ودنياه .
دعونا نتنزه في عقل شاب اتخذ من ذريعة الحب قبل الزواج مدخلاً للتعرف على الفتيات بحجة أنه فعلاً يبحث عن شريكة حياة ، ينظر الشباب غالباً للحياة من خلال منظور البيئة المحيطة ، فهو إن نشأ في بيئة محافظة ترى العادات والتقاليد أساس كل الأمور الاجتماعية فلن يخالف الشاب هذه البيئة ويتزوج بطريقة مختلفة عنهم ولو كانت المرأة قد خلبت لبه ، لان القرار لن يكون له فقط بل سيتدخل ابويه و الأقربين خصوصاً في قرار الزواج لأنه ارتباط عائلي ممتد ..
بالنظر لهذه النقطة يتفهم الشباب ويعذر بعضهم البعض بإقامة علاقات لتمضية الوقت فقط ، وهذه النقطة كفيلة بإيضاح أن علاقة الشاب بالبنت قبل الزواج ماهي إلا لمصلحة وقتية فقط وأنها مجرد عبء سيتم التخلص منها متى ما قامت الأم بالبحث عن فتاة مناسبة لولدها الذي استهلك عواطف البنات في علاقات حب مؤقتة .
ينظر الشاب للفتاة التي تعرف عليها بدون علم أهلها بأنها سلعة رخيصة لا تستحق منه أكثر من كلمات رنانة تداعب عواطفها الجياشة ليحصل هو على مبتغاه ، ومبتغى الشباب مختلف من شخص لآخر ، لكنهم كلهم متفقون على أمر واحد وهو الوصول لهذا الجسد الناعم الذي تذوب عليه صعوبات الحياة التي يعيشها الشاب في مجتمعه ..
ينظر الشاب للفتاة التي سمحت بالعلاقات بدون علم أهلها بأنها امرأة مستهلكة عاطفياً ، لا تصلح لأن تكون زوجة ولا أماً ولا تستحق حتى أن ينظر لها الرجال نظرة جادة ، بل هي كما قال سعيد صالح : وحدة بتاعت الشعب انتا مالك ومالها .
لا أريد أن أطيل أكثر ولكن سأختم مقالي هذا بسؤال سُئل عنه المستشار الأسري وقاضي الأحوال الشخصية سابقاً الدكتور جاسم المطوع عن الحب قبل الزواج فأجاب : من واقع الحالات الكثيرة التي وقفت عليها شخصياً لم أجد قصة حب قبل الزواج استمرت لحياة زوجية سعيدة بل كلها باءت بالفشل .
حب الزواج أقل خيالية وأكثر عمقاً في واقع الحياة .