فتاة الحيــــرة !

منصة ألفة
09 Sep 2023

فتاة الحـــيرة !

كنت في لقاء قبل فترة بعنوان مستقبل مهنة المحاماة ، وكان اللقاء مخصص لطلاب السنة الأولى الجامعية في التخصصات التي تتيح العمل مستقبلا في مهنة المحاماة . كان الملقي أحد كبار المحامين وله سمعة في السوق ، بعد أن عرض الفرص وفي نهاية اللقاء فتح مجال الأسئلة ، لفت انتباهي سؤال لإحدى الفتيات وقد بدى على صوتها الحيرة الشديدة ، قالت : يا دكتور أبي نصيحتك ، بالنسبة لنا كفتيات هل ترى أن مهنة المحاماة مناسبة لنا ؟ خصوصاً أننا نطمح أن نكون زوجات وأمهات ، ولكن هناك مخاوف كثيرة في الطريق في التعامل مع الزوج والأبناء ومتاعب المهنة ؟ ثم قالت - بصوت البنت التي تطلب النصح من أبيها وكأنها تناديه وتقول أرجوك يا أبي اصدقني القول - أنا أريد أن أكوّن أسرة وأكون زوجة وأم هل تعتقد أنني سأنجح وأن هذه المهنة تناسبني ؟!

فترة هدوء وصمت ، وحيرة شديدة من هذا الملقي الذي يوشك أن يثير الجدل برده على مثل هذا السؤال .. 

لكن لحظة ، من واقع خبرة في مجال الاستشارات وجلوس مع كثير من المستشارين الأسريين نجد أن البنات في العادة أكثر سؤالاً وطلباً للاستشارات ، سواء على أمور كبيرة أو صغيرة ، وطلب الاستشارة بلا شك مهم جداً ، فبدل أن تفكر من زاوية معينة تتيح لك الاستشارة التفكير من زوايا متعددة ، وتعطيك بُعد آخر للموضوع قد تكون غفلت عنه ، لكن الخطأ هو أن تستشير شخص ليس لديه الخبرة الكافية في الموضوع الذي تود طرحه ، سؤال الفتاة مكون من جزئين ، جزء يتعلق بتخصص المحامي وهذا رائع ، أما الجزء الآخر فلا يُسأل عنه المحامي ، بل يُسأل عنه من له خبرة في مجال الحياة الزوجية وما يؤثر عليها وما يصلحها ..

لذلك أنا أوجه كلامي الآن للأزواج وللآباء وللإخوة وأقول : الفتاة بطبيعتها تحب أن تستشير ، فكن قريباً من زوجتك أو أختك أو قريبتك من محارمك ، كن لها صاحب رأي ، ولا تنتظر سؤالها أو استشارتها لك ، بل قدم النصيحة والرؤية الواضحة ولو في ثنايا الحديث في جلساتكم اليومية ، وبما أن المدونة تختص بالحياة الزوجية فأقول : من الأسباب التي تبني الحياة الزوجية بناءا متينا هي الثقة في بعضكم البعض ، ومناقشة الأمور بتجرد ، وكأنك جالس لوحدك وليس مع شريكك ، أعلم أن هذه المنزلة تحتاج إلى الكثير من الجهد حتى يصل إليها الزوجان ، لكن سؤالي هو هل جربت ؟ جرب واقترب منها ونوّع في أساليبك العاطفية ، ولكن حذار أن تجبرها على الحديث في شيء لا تود الحديث عنه ، فهنا لن تستفيد شيئاً ، بل ستضع الكثير من الحواجز بينكما ..

بعد لحظات الصمت أجاب المحامي وقال : سؤالك كبير صراحة لكن أقول جربي واحكمي بنفسك ، ثم سكت .

وأنا أقول لكل من يقرأ هذه المقالة : إياك أن تدخل في تجربة يكون ثمنها أكبر مما تستحق !

التعليقات